بسم الله الرحمن الرحيم
أدب وذوق النبي صلى الله عليه وسلم في الولائم
كما أن للطعام بشكل عام ذوقياته الخاصة فإن للولائم أيضا آدابها الخاصة منها:
1-إجابة الدعوة:
منالأمور الاجتماعيّة المهمّة أن يجيب المسلم دعوة من دعاه ويشاركه فرحته,وهو أمر جعله بعض الفقهاء واجباً أو في أدنى درجاته مندوباً فعن أبي موسىعن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" فُكُّوا العَاني، وأجيبوا الداعي، وعُودوا المريضَ ".
(كتاب النكاح باب حق إجابة الوليمة).
وعن عَبد اللَّهِ بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمَا قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
" أَجِيبُوا هَذِهِ الدَّعوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ لَهَا". قَالَ:وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَأْتِي الدَّعوَةَ فِي العُرسِ وَغَيرِ العُرسِ وَهُوَ صَائِمٌ .
(البخاري باب اجابة الداعي في العرس وغيره).
وكان ابن عمر إذا دعي أجاب، فإن كان مفطراً أكل، وإن كان صائماً دعا لهم وبرك ثم انصرف".(فتح الباري).
وإجابة الدعوة توحي باهتمام المدعو بِمن دعاه ومشاركته فرحته وهو بذلك يوطّد إلى علاقات سليمة وأنيقة مع إخوانه.
2- تقديم الأعذار في حال عدم القدرة على الإجابة:
لابدّ للمسلم ألاّ يتجاهل دعوة من دعاه, ويطرحها خلف ظهره دون أن يبيّن لهسبب عدم قدرته على المجيء, فقد يكون صاحب الدعوة هيّأ الطعام والمكانللمدعوين, فإذا لم يحضر عددٌ منهم دون أن يعلموه فإنّه يدخل في دائرةالحرج أمام ضيوفه بالإضافة إلى أنه دفع مالاً كان يمكن أن يستفيد منه لوأنّ المدعوين اعتذروا قبل وقت.
قالالنوويّ رحمه الله تعالى: وأما الأعذار التي يسقط بها وجوب إجابة الدعوةأو ندبها فمنها أن يكون في الطعام شبهة أو يخصّ بها الأغنياء أو يكون هناكمن يتأذى بحضوره معه, أو لا تليق به مجالسته، أو يدعوه لخوف شرّه أو لطمعفي جاهه أو ليعاونه على باطل، وأن لا يكون هناك منكر من خمر أو لهو أو فرشحرير أو صور حيوان غير مفروشة أو آنية ذهب أو فضّة، فكل هذه أعذار في تركالإجابة، ومن الأعذار أن يعتذر إلى الداعي فيتركه". (النووي كتاب النكاحباب الأمر بإجابة الداعي).
إضاءة:
إنّكثراً من الناس لا يأبه بمشاعر الناس؛ فلا يكلّف نفسه أن يرفع سماعةالهاتف ليقدّم اعتذراً عن دعوة دُعي إليها, وهذا من الاستخفاف بصاحبالدعوة خلافاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم .
3- انتظار الكبير والفاضل حتى يبدأ بالطعام:
مننعم الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة أنّ الإنسان فيها كلّما تقدم فيالسنّ زاده سنُّه قدراً وهيبة, وكثرت حقوقه على من حوله وكما قال الإماممالك: " إنّ للسنّ حقًّا ".، بل طلب الإسلام من الجميع احترامه وتقديرهوالغض عن بعض ما يظهر منه واعتبر من لا يحترم الكبير مخالفاً لسنّةالإسلام
فعَن عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"لَيسَ مِن أُمَّتِي مَن لَم يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ".(رواه أحمد).
ومن هذا الاحترام والتقدير المطلوب أن لا يبدأ المدعوون بالطعام حتى يقترب الكبير وأهل الفضل فإنّ ذلك من ذوق الإسلام الرفيع
فعَنحُذَيفَةَ، قَالَ: كُنَّا إِذَا حَضَرنَا مَعَ النَّبِيِّ طَعَاماً لَمْنَضَعْ أَيْدِيَنَا حَتَّىٰ يَبْدَأَ رَسُولُ اللّهِ، فَيَضَعَ يَدَهُ.(مسلم كتاب الأشربة باب آداب الطعام).
قال النوويّ: فيه بيان هذا الأدب وهو أنه يبدأ الكبير والفاضل في غسل اليد للطعام وفي الأكل. (النووي على مسلم).
البر الخفي:
منأنواع البرِّ الخفيِّ الذي يؤثّر تأثيراً معنوياً إيجابياً على نفوسالآباء ألاّ يبدأ الأولاد الطعام حتى يبدأ الوالدان فإنّ ذلك من أنواعالبرّ الخفيّ الذي يحبّه الله سبحانه.
4-عدم اصطحاب أحد دون إذن.
5-إذا اجتمع داعيان:
قديصادف أن تجتمع عند المدعو دعوتان أو أكثر في وقت واحد, فيحار المرء ماذايفعل, فالكلّ إخوانه وأحبابه ويتمنّى أن يلبيَ الجميع ويشاركهم فرحتهم,ولكن الوقت لا يتسع, ولا يستطيع أن يجمع بينهم،
وهنايطل التشريع الإسلاميّ الذوقيّ مرّة أخرى ليضع معالم واضحة تُخرج الإنسانمن دائرة الحرج وترسم له طريق الخروج, فالإسلام فصل في هذه القضية لما لهامن أهميّة, فإجابة الداعي لها اعتباراتها الكثيرة وخاصة إن كان المدعو منأهل العلم والفضل
فقد روى أبو داود بإسناده أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:
"إذَااجتَمعَ الدَّاعِيَانِ فأَجِبْ أقْربَهُمَا بَاباً، فإنّ أقربَهُمَابَاباً أقرَبهُمَا جوَاراً، وَإن سَبَقَ أحَدُهُمَا فأَجِبِ الَّذِي سَبَقَ ". (أبو داود كتاب الأطعمة).
قالفي عون المعبود:" قال العلقميّ: فيه دليل أنه إذا دعا الإنسانَ رجلان ولميسبق أحدهما الآخر أجاب أقربهما منه باباً، فإذا استويا أجاب أكثرهماعلماً وديناً وصلاحاً، فإن استويا أقرع. انتهى".(عون المعبود).
وإن استطاع أن يجمع بينهما كان أفضل والله أعلم.
قالفي المغني:" فإن دعاه رجلان ولم يمكن الجمع بينهما وسبق أحدهما أجابالسابق لأنّ إجابته وجبت حين دعاه فلم يَزلْ الوجوب بدعاء الثاني ولم تجبإجابة الثاني؛ لأنها غير ممكنة مع إجابة الأول، فإن استويا أجاب أقربهمامنه باباً لما روى أبو داود بإسناده عن النبيّ أنه قال:
«إذا اجتمع داعيان فأجب أقربهما باباً فإن أقربهما باباً أقربهما جواراً فإن سبق أحدهما فأجب الذي سبق»
وروى البخاري بإسناده عن عائشة قالت: «قلت يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال: «أقربهما منك باباً»
ولأنّهذا من أبواب البرّ فقدّم بهذه المعاني فإن استويا أجاب أقربهما رحماً لمافيه من صلة الرحم, فإن استويا أجاب أدينهما, فإن استويا أقرع بينهما لأنّالقرعة تُعيّن المستحق عند استواء الحقوق. (المغني على مختصر الخرقي كتابالوليمة).
6- كراهية أن يعيب طعاماً:
منكمال ذوق النبي صلّى الله عليه وسلّم وحسن عشرته وكمال سنته أنّه كان لايعيب طعاماً مهما كان سيئاً ومهما كان هو جائعاً لما فيه من كسر قلبالمضيف و استحقار عمله, ولما فيه من وقوع الاختلاف بين القلوب
فعن أبي هريرةَ قال: " ما عابَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم طعاماً قطُّ: إنِ اشتهاهُ أكلَه، وإن كرِهَهُ تَرَكه". (متفق عليه).
"قالالحافظ: " والذي يظهر التعميم (أي: في كلّ طعام)، فإن فيه كسر قلب الصانع.قال النوويّ: من آداب الطعام المتأكّدة أن لا يعاب، كقوله مالح، حامض،قليل الملح، غليظ، رقيق، غير ناضج، ونحو ذلك (وإن كرهه تركه): قال ابنبطّال: هذا من حُسن الأدب، لأنّ المرء قد لا يشتهي الشيء, ويشتهيه غيرهوكل مأذون في أكله من قبل الشرع ليس فيه عيب.(عون المعبود شرح سنن أبيداود كتاب الأطعمة باب كراهية ذم الطعام).
7 - الدعاء لأصحاب الوليمة:
وهذامن حسن العشرة وكمال الأدب فإنّ الضيف حجز من وقته وأنفق من ماله, وفتحبيته, وشغل أهله ليستقبل الضيوف ويكرمهم فكان لزاماً على المدعويين أنيكرموه بدعوة صادقة وبذلك وجّه النبيّ صلى الله عليه وسلم
فعنجَابِرِ بنِ عَبْدِ الله، قال: "صَنَعَ أبُو الهَيْثَمِ بنُ التَّيِّهَانِلِلنبيِّ صلى الله عليه وسلم طَعَاماً، فَدَعَا النَّبيَّ صلى الله عليهوسلم وَأصْحَابَهُ، فَلمَّا فَرَغُوا قال: " أثِيبُوا أخَاكُمُ ". قالُوا: يَا رَسُولَ الله وَمَا إثابَتُهُ؟ قال: إنّ الرَّجُلَ إذَا دُخِلَ بَيْتُهُ فأَكِلَ طَعَامُهُ وَشُرِبَ شَرَابُهُ فَدَعَوا لَهُ فَذَلِكَ إثَابَتُهُ".( أبو داود كتاب الأطعمة باب الدعاء لرب الطعام).
وعنأنَسٍ أنّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم جَاءَ إلَى سَعْدِ بنِ عُبَادَةَفَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ فأَكَلَ، ثُمَّ قال النَّبيُّ صلى الله عليهوسلم :
" أفْطَرَ عَنْدَكُم الصَّائِمُونَ، وَأكَلَ طَعَامَكُم اْلأبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُم المَلاَئِكَةُ".
(أبو داود كتاب الأطعمة باب الدعاء لرب الطعام).
إضاءة:
الولائم ثمانية:
الإعْذار: للختان،
والعقيقة: للولادة تختصّ بيوم السابع،
والْخُرس: لسلامة المرأة من الطلق وقيل هو طعام الولادة،
والنقيعة: لقدوم المسافر مشتقة من النقع وهو الغبار،
والوكيرة: للسكن المتجدّد، مأخوذ من الوكر وهو المأوى والمستقرّ،
والوضيمة: لما يتخذ عند المصيبة،
والمأدُبة: لما يتخذ بلا سبب, ودالها مضمومة ويجوز فتحها
والحِذَاق:الطعام الذي يتخّذ عند حذق الصبيّ. ذكره ابن الصباغ في " الشامل"، وقالابن الرفعة هو الذي يصنع عند الختم أيّ ختم القرآن كذا قيّده، ويحتمل ختمقدر مقصود منه، ويحتمل أن يطرد ذلك في حذقه لكل صناعة.
(فتح الباري شرح البخاري).
أدب وذوق النبي صلى الله عليه وسلم في الولائم
كما أن للطعام بشكل عام ذوقياته الخاصة فإن للولائم أيضا آدابها الخاصة منها:
1-إجابة الدعوة:
منالأمور الاجتماعيّة المهمّة أن يجيب المسلم دعوة من دعاه ويشاركه فرحته,وهو أمر جعله بعض الفقهاء واجباً أو في أدنى درجاته مندوباً فعن أبي موسىعن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" فُكُّوا العَاني، وأجيبوا الداعي، وعُودوا المريضَ ".
(كتاب النكاح باب حق إجابة الوليمة).
وعن عَبد اللَّهِ بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمَا قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
" أَجِيبُوا هَذِهِ الدَّعوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ لَهَا". قَالَ:وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَأْتِي الدَّعوَةَ فِي العُرسِ وَغَيرِ العُرسِ وَهُوَ صَائِمٌ .
(البخاري باب اجابة الداعي في العرس وغيره).
وكان ابن عمر إذا دعي أجاب، فإن كان مفطراً أكل، وإن كان صائماً دعا لهم وبرك ثم انصرف".(فتح الباري).
وإجابة الدعوة توحي باهتمام المدعو بِمن دعاه ومشاركته فرحته وهو بذلك يوطّد إلى علاقات سليمة وأنيقة مع إخوانه.
2- تقديم الأعذار في حال عدم القدرة على الإجابة:
لابدّ للمسلم ألاّ يتجاهل دعوة من دعاه, ويطرحها خلف ظهره دون أن يبيّن لهسبب عدم قدرته على المجيء, فقد يكون صاحب الدعوة هيّأ الطعام والمكانللمدعوين, فإذا لم يحضر عددٌ منهم دون أن يعلموه فإنّه يدخل في دائرةالحرج أمام ضيوفه بالإضافة إلى أنه دفع مالاً كان يمكن أن يستفيد منه لوأنّ المدعوين اعتذروا قبل وقت.
قالالنوويّ رحمه الله تعالى: وأما الأعذار التي يسقط بها وجوب إجابة الدعوةأو ندبها فمنها أن يكون في الطعام شبهة أو يخصّ بها الأغنياء أو يكون هناكمن يتأذى بحضوره معه, أو لا تليق به مجالسته، أو يدعوه لخوف شرّه أو لطمعفي جاهه أو ليعاونه على باطل، وأن لا يكون هناك منكر من خمر أو لهو أو فرشحرير أو صور حيوان غير مفروشة أو آنية ذهب أو فضّة، فكل هذه أعذار في تركالإجابة، ومن الأعذار أن يعتذر إلى الداعي فيتركه". (النووي كتاب النكاحباب الأمر بإجابة الداعي).
إضاءة:
إنّكثراً من الناس لا يأبه بمشاعر الناس؛ فلا يكلّف نفسه أن يرفع سماعةالهاتف ليقدّم اعتذراً عن دعوة دُعي إليها, وهذا من الاستخفاف بصاحبالدعوة خلافاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم .
3- انتظار الكبير والفاضل حتى يبدأ بالطعام:
مننعم الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة أنّ الإنسان فيها كلّما تقدم فيالسنّ زاده سنُّه قدراً وهيبة, وكثرت حقوقه على من حوله وكما قال الإماممالك: " إنّ للسنّ حقًّا ".، بل طلب الإسلام من الجميع احترامه وتقديرهوالغض عن بعض ما يظهر منه واعتبر من لا يحترم الكبير مخالفاً لسنّةالإسلام
فعَن عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"لَيسَ مِن أُمَّتِي مَن لَم يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ".(رواه أحمد).
ومن هذا الاحترام والتقدير المطلوب أن لا يبدأ المدعوون بالطعام حتى يقترب الكبير وأهل الفضل فإنّ ذلك من ذوق الإسلام الرفيع
فعَنحُذَيفَةَ، قَالَ: كُنَّا إِذَا حَضَرنَا مَعَ النَّبِيِّ طَعَاماً لَمْنَضَعْ أَيْدِيَنَا حَتَّىٰ يَبْدَأَ رَسُولُ اللّهِ، فَيَضَعَ يَدَهُ.(مسلم كتاب الأشربة باب آداب الطعام).
قال النوويّ: فيه بيان هذا الأدب وهو أنه يبدأ الكبير والفاضل في غسل اليد للطعام وفي الأكل. (النووي على مسلم).
البر الخفي:
منأنواع البرِّ الخفيِّ الذي يؤثّر تأثيراً معنوياً إيجابياً على نفوسالآباء ألاّ يبدأ الأولاد الطعام حتى يبدأ الوالدان فإنّ ذلك من أنواعالبرّ الخفيّ الذي يحبّه الله سبحانه.
4-عدم اصطحاب أحد دون إذن.
5-إذا اجتمع داعيان:
قديصادف أن تجتمع عند المدعو دعوتان أو أكثر في وقت واحد, فيحار المرء ماذايفعل, فالكلّ إخوانه وأحبابه ويتمنّى أن يلبيَ الجميع ويشاركهم فرحتهم,ولكن الوقت لا يتسع, ولا يستطيع أن يجمع بينهم،
وهنايطل التشريع الإسلاميّ الذوقيّ مرّة أخرى ليضع معالم واضحة تُخرج الإنسانمن دائرة الحرج وترسم له طريق الخروج, فالإسلام فصل في هذه القضية لما لهامن أهميّة, فإجابة الداعي لها اعتباراتها الكثيرة وخاصة إن كان المدعو منأهل العلم والفضل
فقد روى أبو داود بإسناده أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:
"إذَااجتَمعَ الدَّاعِيَانِ فأَجِبْ أقْربَهُمَا بَاباً، فإنّ أقربَهُمَابَاباً أقرَبهُمَا جوَاراً، وَإن سَبَقَ أحَدُهُمَا فأَجِبِ الَّذِي سَبَقَ ". (أبو داود كتاب الأطعمة).
قالفي عون المعبود:" قال العلقميّ: فيه دليل أنه إذا دعا الإنسانَ رجلان ولميسبق أحدهما الآخر أجاب أقربهما منه باباً، فإذا استويا أجاب أكثرهماعلماً وديناً وصلاحاً، فإن استويا أقرع. انتهى".(عون المعبود).
وإن استطاع أن يجمع بينهما كان أفضل والله أعلم.
قالفي المغني:" فإن دعاه رجلان ولم يمكن الجمع بينهما وسبق أحدهما أجابالسابق لأنّ إجابته وجبت حين دعاه فلم يَزلْ الوجوب بدعاء الثاني ولم تجبإجابة الثاني؛ لأنها غير ممكنة مع إجابة الأول، فإن استويا أجاب أقربهمامنه باباً لما روى أبو داود بإسناده عن النبيّ أنه قال:
«إذا اجتمع داعيان فأجب أقربهما باباً فإن أقربهما باباً أقربهما جواراً فإن سبق أحدهما فأجب الذي سبق»
وروى البخاري بإسناده عن عائشة قالت: «قلت يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال: «أقربهما منك باباً»
ولأنّهذا من أبواب البرّ فقدّم بهذه المعاني فإن استويا أجاب أقربهما رحماً لمافيه من صلة الرحم, فإن استويا أجاب أدينهما, فإن استويا أقرع بينهما لأنّالقرعة تُعيّن المستحق عند استواء الحقوق. (المغني على مختصر الخرقي كتابالوليمة).
6- كراهية أن يعيب طعاماً:
منكمال ذوق النبي صلّى الله عليه وسلّم وحسن عشرته وكمال سنته أنّه كان لايعيب طعاماً مهما كان سيئاً ومهما كان هو جائعاً لما فيه من كسر قلبالمضيف و استحقار عمله, ولما فيه من وقوع الاختلاف بين القلوب
فعن أبي هريرةَ قال: " ما عابَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم طعاماً قطُّ: إنِ اشتهاهُ أكلَه، وإن كرِهَهُ تَرَكه". (متفق عليه).
"قالالحافظ: " والذي يظهر التعميم (أي: في كلّ طعام)، فإن فيه كسر قلب الصانع.قال النوويّ: من آداب الطعام المتأكّدة أن لا يعاب، كقوله مالح، حامض،قليل الملح، غليظ، رقيق، غير ناضج، ونحو ذلك (وإن كرهه تركه): قال ابنبطّال: هذا من حُسن الأدب، لأنّ المرء قد لا يشتهي الشيء, ويشتهيه غيرهوكل مأذون في أكله من قبل الشرع ليس فيه عيب.(عون المعبود شرح سنن أبيداود كتاب الأطعمة باب كراهية ذم الطعام).
7 - الدعاء لأصحاب الوليمة:
وهذامن حسن العشرة وكمال الأدب فإنّ الضيف حجز من وقته وأنفق من ماله, وفتحبيته, وشغل أهله ليستقبل الضيوف ويكرمهم فكان لزاماً على المدعويين أنيكرموه بدعوة صادقة وبذلك وجّه النبيّ صلى الله عليه وسلم
فعنجَابِرِ بنِ عَبْدِ الله، قال: "صَنَعَ أبُو الهَيْثَمِ بنُ التَّيِّهَانِلِلنبيِّ صلى الله عليه وسلم طَعَاماً، فَدَعَا النَّبيَّ صلى الله عليهوسلم وَأصْحَابَهُ، فَلمَّا فَرَغُوا قال: " أثِيبُوا أخَاكُمُ ". قالُوا: يَا رَسُولَ الله وَمَا إثابَتُهُ؟ قال: إنّ الرَّجُلَ إذَا دُخِلَ بَيْتُهُ فأَكِلَ طَعَامُهُ وَشُرِبَ شَرَابُهُ فَدَعَوا لَهُ فَذَلِكَ إثَابَتُهُ".( أبو داود كتاب الأطعمة باب الدعاء لرب الطعام).
وعنأنَسٍ أنّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم جَاءَ إلَى سَعْدِ بنِ عُبَادَةَفَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ فأَكَلَ، ثُمَّ قال النَّبيُّ صلى الله عليهوسلم :
" أفْطَرَ عَنْدَكُم الصَّائِمُونَ، وَأكَلَ طَعَامَكُم اْلأبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُم المَلاَئِكَةُ".
(أبو داود كتاب الأطعمة باب الدعاء لرب الطعام).
إضاءة:
الولائم ثمانية:
الإعْذار: للختان،
والعقيقة: للولادة تختصّ بيوم السابع،
والْخُرس: لسلامة المرأة من الطلق وقيل هو طعام الولادة،
والنقيعة: لقدوم المسافر مشتقة من النقع وهو الغبار،
والوكيرة: للسكن المتجدّد، مأخوذ من الوكر وهو المأوى والمستقرّ،
والوضيمة: لما يتخذ عند المصيبة،
والمأدُبة: لما يتخذ بلا سبب, ودالها مضمومة ويجوز فتحها
والحِذَاق:الطعام الذي يتخّذ عند حذق الصبيّ. ذكره ابن الصباغ في " الشامل"، وقالابن الرفعة هو الذي يصنع عند الختم أيّ ختم القرآن كذا قيّده، ويحتمل ختمقدر مقصود منه، ويحتمل أن يطرد ذلك في حذقه لكل صناعة.
(فتح الباري شرح البخاري).